نشأة اللغات وتعددها، وتطور اللغة العربية عبر التاريخ.... ( الجزء الثانى )
تابع .........
ورغم أن القصة تقوم على مجرد روايات منقطعة، لكن يمكن اعتبارها فرضية في هذا المجال لأمور:
منها دعواها أن البابلية هي أساس اللغات، وهذا ما يذهب إليه بعض خبراء علم اللغات الحديث بتجاربه، بعد تدوينه في تلك الكتب بألف عام أو يزيد.
ومنها ذكر أن ذلك حصل في زمن إبراهيم (أواخر الألف الثالث قبل الميلاد) وهو زمن قريب من زمن نظرية الحضارة الأولى السابقة(أوائل الألف الثالثة للميلاد).
هذا بغض النظر عن قصة النمرود وما حصل له مع إبراهيم من مواجهات، ومحاولته بناء المعراج، وتلك قصص حقيقية عرج عليها القرآن تصريحا أو تلميحا، وانظر بعض التفاسير عند آية (فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون)
لكن أين دور الكتابة في المحافظة على اللغة في النظريتين السابقتين؟
متى نشأت الكتابة للغات؟:
الرأي السائد عند علماء اللغات أن الكتابة لم تظهر إلا بعد اللغة المنطوقة بفترة طويلة، وأن الناس لم يكونوا يستخدمون الكتابة في عصورهم الأولى.
ويرجع بعض علماء اللغة ظهور الكتابة لمنتصف القرن الخامس قبل الميلاد!
لغة الإسبرانتو:
وهي لغة عالمية حاول بعض العلماء اختراعها في القرن الماضي، لتعميمها على الناس كلهم، ودعمتها بعض الدول والمنظمات العالمية، وتعلمها مئات الآلاف من الناس حينذاك، ولم تستمر الفكرة إلا سنوات قليلة حتى ضعفت وتلاشت، لفقدانها الخصائص الثقافية التي في كل اللغات الحية القديمة.
كيف يتعلم الناس اللغة؟:
يتعلمونها بطريقة تلقائية، فيشعر الصغار بالحاجة للتعبير عن احتياجاتهم الخاصة؛ ومن ثم يبدأون الاستماع للكبار وتقليدهم، ثم يتعلمون تدريجيا انتقاء ونطق الأصوات المستخدمة في اللغة السائدة في مجتمعاتهم.
نظرية تطور اللغات:
بنية اللغة –أي لغة- لا تبقى ثابتة بدون تغير، فقواعدها ومفرداتها وأنماطها الصوتية كلها تتغير مع الاستعمال ومرور الأجيال.
ويكون التغير عادة بطيئا جدا، وتحدث معظم التغييرات للأشياء التي تستجد ولما يتغير في الحياة.
فمثلا لا يلاحظ الإنجليز تغير لغتهم من سنة إلى أخرى؛ ولكن إذا حاول الحاليون منهم قراءة نصوص إنجليزية قديمة فسيجدون أنها مختلفة عما يتحدثون به بقدر اختلاف الألمانية والدانماركية عنها.
وهناك لغات تعتبر الآن ميتة رغم أنها أصول لبعض اللغات الحية لعدم وجود من يتكلم بها أو حتى يفهمها في الوقت الحالي، مثل السومرية والبابلية والحثية والأكادية والمصرية القديمة والعربية الحميرية.
وحتى نحن معاشر العرب توجد لغات عربية قديمة لا يمكننا قراءة أو فهم كلمة منها، مثل اللغات المسندية كالحميرية والسبأية والمعينية والقتبانية رغم أنها كلها لغات عربية، ولكنها تكتب بحروف ورسومات أخرى.
وحتى لو تعلم الإنسان قراءة تلك الحروف والمفردات فإنه لن يفهم من تلك اللغات –إذا قارنها بالعربية الحديثة- إلا حزءا يسيرا، وهو عبارة عن الكلمات التي مازالت حتى الآن على صورتها.
بل حتى اللغة العربية في فترات الجاهلية يصعب على كثير من الناس فهم كثير من مفرداتها التي تعتبر الآن غريبة وتجاوزها الزمن وأصبحت لا تستخدم بسبب نظرية التطور في اللغات.
ولننظر إلى هذا النص الشعري العربي من الجاهلية وهو من معلقة طرفة بن العبد التي كانت معلقة على الكعبة:
أمـون كألواح الإران نصـأتهـا على لاحـب كأنـه ظهـر بـرجـد
جـمالية وجناء تـردي كـأنهـا سـفنـجـة تبـري لأزعـر أربـد
تباري عتاقا ناجيـات وأتبعـت وظيفـا وظيفـا فوق مور معبد
تربعت القفين في الشول ترتعي حـدائق مـولي الأسـرة أغـيـد
كأن علـوب النسع في دأيـاتها موارد من خلقاء في ظهر قردد
كل هذا مما يؤكد نظرية تطور اللغات.
وتبذل مجمعات اللغة العربية في العصر الحديث جهودا حثيثة لتعريب كثير من المصطلحات الناشئة مثل مصطلحات الحضارة الحديثة، ومنها كلمات الطائرة والقطار والسيارة والبرقية.
منقول